مراجعة كتاب مهزلة العقل البشري للكاتب علي الوردي

‏من هو علي الوردي ؟





‏هو علي حسين محسن الوردي مؤرخ وعالم اجتماع عراقي ، لقبت عائلته بالوردي نسبةً الى جده الذي كان يعمل في تقطير ماء الورد، وهو من عائلة عريقة .
‏متزوج من سيدة غير متعلمة ، ولديه ابنة واحدة ، وثلاثة ابناء.


‏يعتبر على الوردي رائد علم الاجتماع في العراق وهو من القلائل الذين كتبوا عن هذا المجتمع ونذروا له حياتهم, ولحد الآن لم يخلفه أحد.

‏لغته رائعة جداً ، واحب كثيراً اسلوبه الهزلي الذي يلطّف جو كتبه.

‏مقدمة الكتاب كانت مُستفزة بالنسبة لي مرة يشتم  الحجاب و مرة يقول رأي مخالف ، وإذا كان يقصد الانحراف سببه الحجاب فهذا قول خاطئ لان الحجاب امر من عند الله واي امر يأمر الله به عباده لايضرهم ابداً.

‏فالبداية يجب على كل مؤرخ عندما يدرس الحقائق والمعتقدات ان يعيش داخلها ويصبح فرد من افرادها ، لان الوضع الاجتماعي والحقبة الزمنية تؤثر بشكل كبير على معتقدات الانسان وافكاره ، وإذ لم يعش بها المؤرخ سيجد ان افرادها يبالغون في مأساتهم .

‏- استعان الدكتور علي الوردي برأي الدكتور كارفر الذي يرى أن التنازع البشري له ٤ انواع
‏، ويرجع اصل هذه الانواع الى سببين طبيعين وهما : ١- استحالة اشباع الحاجات البشرية كلها . ٢- حب الانسان لنفسه وتقديره اياها اكثر مما تستحق احياناً
‏وهذا التنازع الذي يتذمر منه البشر هو اساس التطور وعليه قامت المدنية
‏فلولا التنازع الفكري والمجتمعي لكانت حضاراتنا ومجتمعاتنا خاملة منذ بدايتها ولم تتطور
‏وشبه ايضا الدكتور الوردي بأن المجتمع الخامل مثل الانسان الذي يربط قدميه بحبل ، الحبل هو العادات والتقاليد وتمسكها بالشخص لن تجعله يتقدم للأمام ويتطور .

‏السبب الاول الذي منه ولدت انواع النزاعات يرجع الى طبيعة الانسان بأنه غير قنوع ابداً ، وكلما اراد شي وحصل عليه تطلع للأفضل وظل يُحارب ويكافح من اجله.
‏ام السبب الثاني فيعود ايضاً الى القوقعة البشرية وهي اشبه بمنظار يرى الانسان نفسه من خلالها فهو يظن بأنه الافضل والاقدر على عمل كل شي ، وهي التي تجعل الانسان لا يحب الشخص الذي يمدح نفسه ويؤمن بمثل (مادح نفسه كذاب) ، وسبب هذا ان كل شخص يحب نفسه ويفضلها فاذا وجد شخص يمدح نفسه ويحبها غضب منه وكأنه وجد منافساً.

‏وصفات هذه القوقعة تتشابه بشكل كبير مع صفات الاطار الفكري الذي اشار اليه الدكتور في كتابه خوارق اللاشعور بأنها فطرية والزامية ولايشعر بها الفرد ابداً.

‏وضرب لنا ايضاً مثالاً لتنازع الناس اللامنتهي في خلافتين ، اذا كنا في واحدة منها ظننا اننا إذا عشنا في الحالة الاخرى قد تزين الحياة وتهدأ نفوس البشر وينتهي النزاع ويعم السلام كما يريد الفارابي ولكن هيهات هيهات أن يحصل هذا في المجتمعات البشرية !

‏ في عهد عمر بن الخطاب كان يعدل ويعطي على حسب المكانة ويعدل بين الناس وحصلت المنازعات والخلافات لانه على حد قولهم لايجعل الناس متماثلين مثل بعضهم البعض ، وفي عهد علي عندما جعل الناس سواسية كأسنان المشط حتى اذا دخلت الى مجلسه وجدت رجالاً من مختلف الشعوب والالوان ، ولكن الأسف شبّت الخلافات مرة اخرى والكل اراد ان يتميز عت غيره على حسب مكانته وتعبه.
‏واعتقد انه امر ليس غريب ابداً ، لانه مجتمع بشري !



‏....

‏هذه الصفات كونت لنا عقلية فرد ، وهذا الفرد جزءٍ من شعب يحكمه حاكم بنفس الصفات .
‏وهنا يبدأ الصراع والتنازع البشري في الديانات والحضارات والخلافات
‏ولهذا نشبت المنازعات بين معاوية الذي اراد الحكم لأجل نفسه وقبيلته ، وبين علي الذي اراد الخلافة من اجل الشعب واكمال نشر الدين الاسلامي ونشر الفضائل المحمدية.
‏وحصل التضارب الشديد بينهما وادى الى مقتل عثمان قبل هذا كله !

‏* اعتقد انه اخطأ خطأ فادح في وصفة لمعاوية ، وحديثه السيئ شجعني ان ابحث عن سيرة معاوية وصلته بالخلفاء .

‏وقبل عدة اسابيع شاهدت فيلم اسمه The experiment كانت فكرته قائمة على تجربة اقامها طبيب نفسي مع طلابه على اشخاص عاديين منحوهم حرية الاستبداد على المساجين وحدث تماماً مثلما قال الدكتور في ص ٩٠
‏" كل انسان ميال الى الاستبداد والظلم حين يترك على دست الحكم منفرداً يحكم كما يشاء ، يقول الامام علي (( من ملك استأثر)) وهذه كلمة تفصح عن طبيعة الانسان إفصاحا بليغاً"

‏ولكنه اساء للانسان وللبشرية بأكملها عندما قال : " الانسان حيواناً قبل أن يكون إنساناً" كيف له ان يقول مثل هذا الكلام والله ميزنا عن المخلوقات بالعقل الذي اوحى اليه بكتابة هذا الكتاب !

‏ومما ضايقني كثيراً حديثه عن ابي هريرة بأنه كاذب ووو ، كيف يكذب وهو من الصحابة والرسول عليه الصلاة والسلام دعا اليه ؟
‏اعتقد ان هذا الكتاب ولّد في داخلي رغبة القراءة عن عهد الخلفاء الراشدين ومشاكلهم وعهد الدولة الاموية والتغيير الذي حصل فيها .
‏.....

‏اخيراً

‏فكرة الكتاب قائمة على / مجتمعاتنا في تطور وحركة دائمة وتمسكنا بعاداتنا الباطلة وتقاليدنا السخيفة قد يجعلنا نتخلف عن السير مع المجتمع لكن مع هذا نبقى محافظين على تعاليم ديننا الحنيف ، وعلى الواعظين ان يحللوا العادا الجديدة قبل أن يذموها ويقاوموها ويتخلفوا عن الركب !

‏انطباعي عن الكتاب :
‏الكتاب قوي جداً ولن اروج له ، خصوصاً للمبتدئين فالقراءة لان من ممكن يقرأون الكتاب بدون وعي وبدون تمييز خصوصا لانه دكتور كبير والكل يظن انه كلامه صحيح !
‏وفي الوقت ذاته مهم جداً للمهتمين بعلم الاجتماع ومهم لفهم اصل التنازع الذي بدا من ايام الرسول عليه الصلاة والسلام الى يومنا هذا ، وأن نترك الخلافات عن الصحابة ومن الافضل منهم ومن الاقل علماً وفضلاً ونهتم بدراسة المشاكل القديمة لانها قد تفيدنا في حلول كثير من مشكلات العالم الاسلامي .
‏رأيي في الكاتب / لايهم رأيي في شخص توفاه الله قبل أن اخرج على هذه الارض ولكن يجب الحذر عند قراءة كتبه.

تعليقات

المشاركات الشائعة